سورة الرحمن - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الرحمن)


        


{خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ}.
{وَخَلَقَ الْجَانَّ} وهو أبو الجن. وقال الضحاك: هو إبليس، {مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} وهو الصافي من لهب النار الذي لا دخان فيه. قال مجاهد: وهو ما اختلط بعضه ببعض من اللهب الأحمر والأصفر والأخضر الذي يعلو النار إذا أوقدت، من قولهم: مرج أمر القوم، إذا اختلط.
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ} مشرق الصيف ومشرق الشتاء. {وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} مغرب الصيف ومغرب الشتاء. {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ} العذب والمالح أرسلهما وخلاهما {يَلْتَقِيَانِ}.
{بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ} حاجز من قدرة الله تعالى، {لا يَبْغِيَانِ} لا يختلطان ولا يتغيران ولا يبغي أحدهما على صاحبه. وقال قتادة: لا يطغيان على الناس بالغرق. وقال الحسن: {مرج البحرين} بحر الروم وبحر الهند، وأنتم الحاجز بينهما. وعن قتادة أيضًا: بحر فارس وبحر الروم بينهما برزخ يعني الجزائر. قال مجاهد والضحاك: بحر السماء وبحر الأرض يلتقيان كل عام {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.


{يَخْرُجُ مِنْهُمَا} قرأ أهل المدينة والبصرة: {يخرج} بضم الياء وفتح الراء، وقرأ الآخرون بفتح الياء وضم الراء، {اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} وإنما يخرج من المالح دون العذب وهذا جائز في كلام العرب أن يذكر شيئان ثم يخص أحدهما بفعل، كما قال عز وجل: {يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم} [الأنعام- 130]. وكانت الرسل من الإنس دون الجن. وقال بعضهم يخرج من ماء السماء وماء البحر. قال ابن جريج: إذا أمطرت السماء فتحت الأصداف أفواهها فحيثما وقعت قطرة كانت لؤلؤة، واللؤلؤة: ما عظم من الدر، والمرجان: صغارها. وقال مقاتل ومجاهد على الضد من هذا. وقيل: {المرجان} الخرز الأحمر. وقال عطاء الخراساني: هو اليسر. {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{وَلَهُ الْجَوَارِي} السفن الكبار، {الْمُنْشَآتُ} قرأ حمزة وأبو بكر: {المنشِئات} بكسر الشين، أي: المنشئات للسير يعني اللاتي ابتدأن وأنشأن السير. وقرأ الآخرون بفتح الشين أي المرفوعات، وهي التي رفع خشبها بعضها على بعض. وقيل: هي ما رفع قلعه من السفن وأما ما لم يرفع قلعه فليس من المنشئات. وقيل المخلوقات المسخرات، {فِي الْبَحْرِ كَالأعْلامِ} كالجبال جمع علم وهو الجبل الطويل، شبه السفن في البحر، بالجبال في البر {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا} أي على الأرض من حيوان فإنه هالك {فَانٍ}.
{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ}، ذو العظمة والكبرياء {وَالإكْرَامِ}، أي مكرم أنبيائه وأوليائه بلطفه مع جلاله وعظمته. {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.


{يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ}، من ملك وإنس وجن. وقال قتادة: لا يستغني عنه أهل السماء والأرض. قال ابن عباس: فأهل السموات يسألونه المغفرة وأهل الأرض يسألونه الرحمة والرزق والتوبة والمغفرة وقال مقاتل: يسأله أهل الأرض الرزق والمغفرة وتسأله الملائكة أيضًا لهم الرزق والمغفرة.
{كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}، قال مقاتل: نزلت في اليهود حين قالوا إن الله لا يقضي يوم السبت شيئًا.
قال المفسرون: من شأنه أن يحيى ويميت، ويرزق، ويعز قومًا، ويذل قومًا، ويشفي مريضًا، ويفك عانيًا ويفرج مكروبًا، ويجيب داعيًا، ويعطي سائلا ويغفر ذنبًا إلى ما لا يحصى من أفعاله وإحداثه في خلقه ما يشاء.
أخبرنا أبو سعيد أحمد بن إبراهيم الشريحي، أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبدوس المزكي- إملاء- أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد بن يحيى البزاز، أخبرنا يحيى بن الربيع المكي، أخبرنا سفيان بن عيينة، أخبرنا أبو حمزة الثمالي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: إن مما خلق الله عز وجل لوحًا من درة بيضاء، دفتاه ياقوتة حمراء، قلمه نور وكتابه نور، ينظر الله عز وجل فيه كل يوم ثلاث مائة وستين نظرة، يخلق ويرزق ويحيى ويميت ويعز ويذل ويفعل ما يشاء فذلك قوله: {كل يوم هو في شأن}.
قال سفيان بن عيينة: الدهر كله عند الله يومان أحدهما مدة أيام الدنيا والآخر يوم القيامة، فالشأن الذي هو فيه اليوم الذي هو مدة الدنيا: الإخبار بالأمر والنهي والإحياء والإماتة، والإعطاء والمنع، وشأن يوم القيامة: الجزاء والحساب، والثواب والعقاب.
وقيل: شأنه جل ذكره أنه يخرج في كل يوم وليلة ثلاثة عساكر، عسكرًا من أصلاب الآباء إلى أرحام الأمهات، وعسكرًا من الأرحام إلى الدنيا، وعسكرًا من الدنيا إلى القبور، ثم يرتحلون جميعًا إلى الله عز وجل.
قال الحسين بن الفضل: هو سَوْقُ المقادير إلى المواقيت. وقال أبو سليمان الداراني في هذه الآية: كل يوم له إلى العبيد بر جديد.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6